أشعل التحول في العلاقات السعودية مع إيران، جذوة الصراع الإسرائيلي الداخلي، بين معسكرين متصارعين يتبادلان التهم حول هذا التحول الدبلوماسي الإقليمي، إضافة لسلّة مواضيع داخلية وخارجية أخرى.
ففي الوقت الذي تتجه فيه الأغلبية الساحقة الإسرائيلية إلى اعتبار عودة العلاقات الإيرانية السعودية لطمة لإسرائيل ومخططاتها لبناء تحالف عربي دولي ضد إيران، يحاول معسكر نتنياهو وموالوه تحميل الحكومة السابقة برئاسة الثنائي بينيت ولابيد مسئولية الفشل.
تبادل الاتهامات
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قوله خلال زيارته روما، إن رئيسي الحكومة السابقة يائير لبيد ونفتالي بينيت، لم يبادرا لموقف حازم كاف عندما بدأت المداولات بين طهران والرياض قبل عام، معتبرا أن ضعفهما قاد لتجديد العلاقات السعودية- الإيرانية.
في المقابل، وجّه رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق نفتالي بينيت إصبع الاتهام لنتنياهو، وقال إن هذا التقارب السعودي الإيراني هو فشل مدو لحكومة نتنياهو ينبع من إهمال العمل الدبلوماسي، ومن ضعف عام ومن صراعات داخلية في الدولة.
واعتبر بينيت أن استئناف العلاقات بين إيران والسعودية تطور خطير بالنسبة لإسرائيل، ويشكّل انتصارا دبلوماسيا للإيرانيين.
وأضاف في تصريحاته: “الحديث يدور عن ضربة قاضية لمساعي بناء جبهة إقليمية مقابل إيران، حكومة نتنياهو هي فشل اقتصادي ودبلوماسي وأمني مدوٍ، وكل يوم من أيامها يهدد إسرائيل".
واتفق رئيس المعارضة، ورئيس الحكومة السابق يائير لابيد معش شريكه في رئاسة الوزراء سابقا "بينيت"، وأكد أن اتفاق السعودية وإيران فشل كبير وخطير للسياسة الخارجية الإسرائيلية.
وشدد لابيد على أن ذلك “يعكس انهيار جدار الدفاع الإقليمي الذي شرعنا به مقابل إيران”. مضيفا: “هذا ما يحدث عندما ينشغلون كل اليوم بهذا الجنون القضائي بدلا من العمل والتحرك ضد إيران وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة.. فشل كبير وعلى نتنياهو الاستقالة”.
من جانبه لم يعتبر رئيس حزب “يسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان تقارب السعودية وإيران فشلا ذريعا فحسب، بل دعا نتنياهو لتقديم استقالته.
وكتب ليبرمان في تغريدة: “هذا فشل مدوٍ مسجل على اسم نتنياهو، لا أحد يعتمد على نتنياهو، ولذا توجه السعوديون نحو إيران، ستكون هناك تبعات دراماتيكية لهذا الاتفاق على كل الشرق الأوسط وعلى أمن إسرائيل، وعلى نتنياهو الاستقالة".
رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي إدليشتاين عقب على التطوّرات بالقول إن “العالم لا يتوقف عندما نكون منشغلين في صراعات قوة وسجالات، وبالطبع أعداؤنا لا يتوقفون، إيران والسعودية اتفقتا على تجديد العلاقات، وهذا سيئ جدا لإسرائيل وللعالم الحّر كله”.
إديلشتاين الذي يغرّد بعيدا عن بقية قيادات حزبه الليكود، يتابع بالقول: “حان الوقت للجلوس، للحديث وتسوية الخلافات بيننا من أجل استعادة وحدتنا مقابل التهديد الوجودي الذي نواجهه كافتنا”.
خلافات بين المختصين الإسرائيليين
ويرى إيتان بن دافيد، نائب سابق لرئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، أن الاتفاق لا يعني بالضرورة انتهاء مساعي التطبيع بين إسرائيل والسعودية، مؤكدا أن هناك فرصا حقيقية للتعاون مع الرياض، خاصة بمساعدة الولايات المتحدة.
ويرى معلق الشؤون الاستراتيجية في “واينت” رون بن يشاي، أن إسرائيل ينبغي أن تكون قلقة من احتمال استنتاج السعودية بأنه لا يوجد لإسرائيل خيار عسكري حقيقي ضد إيران، ولذلك فهي تفضّل محاولة التصالح مع “الغول الإيراني” وإحراز تفاهمات معه.
من جهته، وبخلاف بقية المراقبين المحليين والمسؤولين الإسرائيلين، يرى المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل، أن قرار تجديد العلاقات بين السعودية وإيران ليس له أي علاقة بإسرائيل، ولم يكن بإمكانها منع حصوله.
واعتبر في تحليله أن تبادل الاتهامات بين المعارضة والائتلاف حول تجديد العلاقة ليس صحيحا. فإسرائيل كالعادة تظن أنها مركز العالم، ولكن قرار تجديد العلاقة بعد سبع سنوات من القطيعة، جاء لاعتبارات ليست لها أي علاقة مع إسرائيل، بحسب قول هرئيل.
أما زميله محلل شؤون الشرق الأوسط في “هآرتس” تسيفي بارئيل، فيرى أن اتفاق الرياض وطهران قد يؤدي لقوانين لعبة جديدة في الشرق الأوسط وخارج المنطقة، فهو يوفّر الشرعية الضرورية لإيران في علاقاتها مع الدول العربية. ويتابع: “هذا يعني انضمام مصر لمثل هذا الاتفاق مع إيران”.
ويؤكد بارئيل أن هذا الاتفاق يبدّد الحلم الإسرائيلي ببناء ائتلاف عربي- دولي ضد إيران، ومن شأنه ضخ الحياة مجددا في مداولات توقيع اتفاق نووي جديد مع إيران، منبها إلى أن توقيعه يعكس تصاعد قوة الصين في المنطقة.
أما صحيفة “إسرائيل اليوم” المقرّبة من نتنياهو، فقالت هي الأخرى إن الاتفاق السعودي- الإيراني يعني أن حلقة العزلة عن طهران تتلاشى، وإن ذلك جاء في أعقاب أزمة مستمرة مع الولايات المتحدة. وتابعت بالقول إن الاتفاق سيقلل التهديد على الرياض في المستقبل المنظور، لكنها تبتعد عن التطبيع مع إسرائيل وعن إقامة نظام الدفاع الإقليمي.